يدرس مركز ديلويت للابتكار بالقاهرة التوسع في مجالات جديدة خلال المرحلة المقبلة من بينها الخدمات الضريبية والقانونية، وذلك ضمن خطة طموحة يستهدف من خلالها ترسيخ موقع مصر كمنصة تكنولوجية إقليمية تخدم أوروبا والشرق الأوسط، مما يتيح للمواهب المحلية أن تلعب دور محوري في قيادة برامج التحول الرقمي، حسبما أكد هاني جرجس الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لمركز ديلويت للابتكار
وقال جرجس في حواره مع نشرة “تعهيد” إن المركز يسعي أيضا إلي رفع جاهزيته وقدراته التشغيلية ليتحول إلي منصة إقليمية متكاملة للابتكار الرقمي .
وإلى نص الحوار ..
تعهيد: ما هي استراتيجية مركز ديلويت للابتكار للتوسع في مصر خلال 2026 ؟
هاني جرجس: نعمل على دمج وتطبيق الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وتحليل البيانات، والتقنيات المؤسسية، والأمن السيبراني، لتقديم حلول متقدمة تشمل الأتمتة الذكية، والتحليلات التنبؤية، والترحيل الآمن إلى السحابة، وتحديث البنية التحتية الرقمية للمؤسسات.
كما يستهدف المركز أيضًا إعادة صياغة مفهوم التحول الرقمي بشكل متكامل، عبر بناء منظومة تجمع بين أحدث التقنيات وتحولها إلى حلول عملية تحدث أثرًا حقيقيًا.
ترتكز خطة 2026 على تعميق هذا الدور عبر تعزيز القدرات التشغيلية للمركز، وتوسيع نطاق المشروعات العالمية التي يخدمها، واستقطاب المزيد من المواهب المصرية المتميزة وتوفير مسارات مهنية دولية لهم داخل الشبكة.
وبهذه الخطوات، نعمل على ترسيخ موقع مصر كمحور إقليمي رائد للإبداع التكنولوجي وشريك رئيسي في صياغة مستقبل التحول الرقمي عالميًا.
تعهيد: ما هي خطة ديلويت للابتكار لزيادة عدد موظفيها؟
هاني جرجس: الموظفون هم المحور الأساسي للتقدم في مركز ديلويت للابتكار، فهم القوة الدافعة التي انطلق منها المركز.
لقد نجح المركز في النمو من 23 متخصصًا عند التأسيس إلى أكثر من 600 موظف حاليًا، وهو ما يعكس التزامنا بالكفاءات المصرية، ومع استمرار التوسع في نطاق الخدمات والعمليات الإقليمية المقدمة
يستهدف المركز، وفقًا للتوقعات، الوصول إلى نحو 700 موظف بحلول نهاية الربع الأخير من 2025، بما يتماشى مع خطتنا لضم المزيد من الكفاءات المتميزة.
وبذلك نؤكد التزامنا المتواصل بدعم القدرات المحلية وتعزيز دورنا في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي المتطور في البلاد.
كما يواصل مركز ديلويت للابتكار التميز كوجهة مفضلة للمواهب، حيث يعمل على ترسيخ ثقافة عمل شاملة وعالية الأداء تمكن الموظفين من الازدهار وتحقيق أقصى إمكاناتهم.
يوفر المركز للموظفين فرصًا استثنائية للعمل على مشاريع عالمية المستوى، مما يمنحهم خبرة عملية واسعة وتعرضًا لمختلف الأسواق والتقنيات الحديثة، إلى جانب الاستثمار المستمر في برامج التدريب المتقدمة ومسارات الشهادات المهنية ومبادرات القيادة.
ويُعزز المركز رفاهية الموظفين من خلال برنامج DEAP (Deloitte Employee Assistance Program)، الذي يوفر رعاية شاملة وإرشادًا متكاملًا في جميع جوانب الحياة المهنية والشخصية.
كما يُعد التوازن بين الجنسين في فريق العمل بنسبة 50/50 نموذجًا واضحًا لإيمان مركز ديلويت للابتكار بأن التنوع والتمكين والدعم الشامل للموظفين يشكلون مفتاح الابتكار المستدام والنجاح المؤسسي.
تعهيد: ما هي أبرز القطاعات الاقتصادية التي يستهدف ” ديلويت للابتكار ” التركيز عليها؟
هاني جرجس: يعمل مركز ديلويت للابتكار بالفعل عبر مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية في مصر والمنطقة، ويستعد خلال المرحلة المقبلة لتعميق حضوره داخل هذه الصناعات التي باتت تعتمد بشكل متزايد على التقنيات الرقمية المتقدمة.
ويشمل ذلك القطاع المالي والمصرفي، وقطاع الاتصالات والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، والقطاع العام، والسلع الاستهلاكية والتجزئة، إضافة إلى قطاع خدمات الأعمال العالمية الذي يشهد نموًا متسارعًا في السوق المصرية.
كما يخطط المركز لتوسيع نطاق الخدمات التي يقدمها في المستقبل، بما يواكب احتياجات هذه القطاعات المتطورة.
ويأتي هذا التركيز لتعزيز قدرة هذه القطاعات على الاستفادة من الابتكار التقني، ويدعم جهود الدولة في تطوير بنية رقمية أكثر كفاءة ومرونة.
ومن خلال عملنا في هذه المجالات، يقدم المركز منظومة متكاملة من الحلول التقنية المتقدمة في عدد من أكثر القطاعات تأثيرًا في الاقتصاد.
ويمتد أثر هذا العمل إلى خارج الحدود، إذ يخدم المركز مئات العملاء عبر منطقة أوروبا والشرق الأوسط، مع إدارة مشاريع متعددة ومتنوعة. هذا الحضور الإقليمي والدولي يعكس رؤية استراتيجية طويلة المدى تستهدف تعزيز دور مصر كمحور إقليمي للابتكار الرقمي.
تعهيد: كيف سيلعب المركز دورًا في تنفيذ خطة وزارة الاتصالات للوصول إلى صادرات رقمية بقيمة 7.4 مليار دولار؟
هاني جرجس: يقوم مركز ديلويت للابتكار بدور محوري كشريك وطني لتنفيذ وتسريع رؤية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
بدأ ذلك بتعزيز القدرة الاستثمارية للمركز، من خلال استثمارات فعلية بقيمة 30 مليون دولار خلال العامين الماضيين، وخطة لضخ 80 مليون دولار إضافية خلال الثلاث سنوات المقبلة، مما يمنحه الطاقة التشغيلية والأدوات اللازمة لتوسيع نطاق الأعمال الدولية وتقديم حلول رقمية قابلة للتصدير على نطاق أوسع.
سيرتكز دور المركز على ثلاثة مسارات تنفيذية متداخلة تتمثل في توسيع طاقة التسليم لتولي مشروعات أكبر عبر نماذج تشغيل عالمية تُمكنه من تنفيذ عقود مع أسواق بأوروبا وغيرها؛ بالإضافة إلي تحويل الخبرات المحلية إلى منتجات وخدمات قابلة للتصدير؛ وأخيرا بناء سلسلة إمداد من الكفاءات عبر شراكات تعليمية ومهنية، أبرزها التعاون الأخير مع المعهد التكنولوجي للمعلومات (ITI) لإطلاق مبادرة تدريبية وطنية على منصة ServiceNow، التي تجهز شبابًا بمهارات عملية مباشرة وتُعيد تكوين سوق العمل ليكون قادراً على تنفيذ مشروعات عالمية من داخل مصر.
النتيجة المتوقعة ليست مجرد أرقام منفصلة، بل مسار ملموس لزيادة الصادرات الرقمية عبر رفع قيمة كل مشروع موجه للتصدير، وتوسيع عدد المشاريع الدولية المنفذة من القاهرة، وتخريج أجيال من الخبرات القادرة على العمل على مشروعات ذات قيمة مضافة أعلى. بهذه الطريقة يصبح مركز ديلويت للابتكار بمثابة ذراع تنفيذية لسياسة الوزارة.
تعهيد: كيف سيتم توظيف الـ 80 مليون دولار من الاستثمارات الجديدة التي تعتزمون ضخها خلال السنوات الثلاث المقبلة؟
هاني جرجس: مع احتفال مركز ديلويت للابتكار بمرور عامين فقط على انطلاقه، يدخل مرحلة جديدة من التوسع المدروس الذي يستند إلى خبرات تراكمت بسرعة لافتة خلال فترة قصيرة
وفي هذا السياق، تأتي الـ80 مليون دولار من الاستثمارات المخطط ضخها خلال السنوات الثلاث المقبلة كخطوة استراتيجية تهدف إلى رفع جاهزية المركز لكي يتحول إلي منصة إقليمية متكاملة للابتكار الرقمي.
وسيُخصص جزء أساسي من هذه الاستثمارات لتطوير البنية التكنولوجية التي يعتمد عليها المركز، عبر تعزيز قدراته في الذكاء الاصطناعي والسحابة وبناء أدوات رقمية أكثر تقدمًا تُمكن فرق العمل من تنفيذ مشروعات عالمية معقدة بكفاءة أعلى.
وفي الوقت نفسه، ستُستخدم الاستثمارات لتوسيع الطاقة التشغيلية من خلال إنشاء بيئات عمل متخصصة تدعم نماذج التشغيل العالمية التي يخدمها المركز.
ويبقى المحور الأكثر تأثيرًا هو الاستثمار في الكفاءات، حيث ستتيح هذه الموارد إطلاق برامج تدريب وشهادات مهنية ومسارات تطوير متقدمة تُعد جيلًا أكبر من المتخصصين القادرين على قيادة مشروعات رقمية دولية.
تعهيد: لماذا ترى ديلويت أن الفرصة مناسبة لتوسيع استثماراتها بمصر؟
هاني جرجس: يري مركز ديلويت للابتكار أن اللحظة الحالية في مصر هي الأنسب للتوسع، لأن البلاد تعيش طفرة حقيقية في التحول الرقمي تتسق مع مستهدفات رؤية مصر 2030. فالقطاع التكنولوجي أصبح أحد أسرع القطاعات نموًا في الاقتصاد، بمعدل يصل إلى 16% سنويًا، ما يعكس زخمًا مستمرًا وطلبًا متزايدًا على الخدمات الرقمية المتقدمة.
ويعزز هذا الزخم وجود قاعدة بشرية واسعة ومتنامية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مدعومة بتوافر كوادر محترفة وخريجين ذوي كفاءة عالية.
هذه الوفرة في المهارات تجعل مصر بيئة مثالية لبناء فرق قادرة على دعم مشروعات عالمية.
وفي الوقت نفسه، يشهد مشهد ريادة الأعمال ازدهارًا لافتًا بوجود أكثر من 560 شركة ناشئة في التكنولوجيا، مما يخلق منظومة ابتكار نشطة تدعم الشركات العالمية وتفتح فرصًا لابتكار حلول جديدة.
كل هذه العناصر تجعل مصر اليوم بيئة ناضجة وجاذبة، وتمنح المركز الثقة بأن توسيع استثماراتها هنا هو خطوة في الاتجاه الصحيح وفي التوقيت المثالي.
تعهيد : كيف انعكس استقرار سعر الصرف على تقييم فرص الاستثمار بالسوق المصرية ؟
هاني جرجس : كان لاستقرار سعر الصرف خلال الفترة الأخيرة تأثير مباشر على نظرتنا للسوق المصري داخل مركز ديلويت للابتكار.
فمع الاستقرار النسبي، أصبح بإمكاننا التخطيط بثقة أكبر على المدى الطويل ولكن فى العموم نستفيد من فرق العملات، سواء فيما يتعلق بتوسعة فرق العمل أو زيادة حجم المشروعات العالمية التي تدار من القاهرة.
تعهيد: ما هي رؤية المركز لتطوير المهارات البشرية في مصر؟
هاني جرجس : تعيش مصر مرحلة استثنائية في تطور مهاراتها الرقمية، مدفوعة بطاقة شبابية هائلة؛ فالشباب تحت سن الثلاثين يشكلون أكثر من60% من السكان، ومع دخول ما يزيد عن 50 ألف خريج تكنولوجي سنويًا إلى سوق العمل، أصبحت البلاد تمتلك قاعدة مواهب ضخمة تستعد لقيادة موجة التحول الرقمي.
ومع توسع هذا المخزون البشري، تتزايد الحاجة إلى منصات تدريب عملية ترتقي بهذه المواهب إلى مستوى المنافسة العالمية، وهنا يأتي دور مركز ديلويت للابتكار.
بوصفه مركزًا إقليميًا للتميز، يستثمر المركز بشكل مباشر في تطوير هذه الطاقات الواعدة من خلال برامج عملية مثل Bridge Program وMentorship Program، التي منحت أكثر من 1,600 شاب وشابة فرصة العمل على مشاريع حقيقية داخل شبكة ديلويت العالمية، مما مكنهم من اكتساب خبرة مهنية عالية القيمة تؤهلهم لقيادة حلول رقمية متقدمة داخل مصر وخارجها.
ومن خلال هذا الاحتكاك اليومي بالمواهب المحلية، يلمس المركز بوضوح أن مصر تُنتج جيلًا قادرًا على الابتكار والتنافس عالميًا، وهو ما يجعل تطوير الكفاءات جزءًا محوريًا من رسالة المركز، وليس مجرد مبادرة تدريبية.
تعهيد: كيف ستعزز ديلويت من تطوير الكوادر البشرية المصرية؟
هاني جرجس: يعمل مركز ديلويت للابتكار على تطوير الكوادر البشرية المصرية من خلال تمكينها من العمل داخل فرق متعددة التخصصات تتعامل يوميًا مع أحدث التقنيات العالمية، ما يمنح المواهب المحلية فرصة حقيقية لاكتساب مهارات متقدمة عبر التجربة العملية وليس التدريب النظري فقط.
يدمج المركز المتخصصين في مسارات تشمل الذكاء الاصطناعي والبيانات، من LLMs و MLOps وهندسة البيانات، إلى هندسة السحابة وDevOps، مرورًا بالأمن السيبراني وحلول تجربة العملاء، وصولًا إلى منصات الأعمال مثل ServiceNow وOracle.
ويعزز المركز هذا النهج العملي من خلال برنامج Analyst Induction Program (AIP)، الذي يمنح الخريجين الجدد بداية قوية عبر رحلة مدتها أربعة أسابيع تتضمن التعرف على ثقافة المركز، أساسيات الاستشارات، والتدريب العملي على المهارات التقنية، لتكوين قاعدة صلبة لمسيرة مهنية مؤثرة.
ومن خلال هذا التعرض المباشر، يصبح الموظفون قادرين على التصميم والتنفيذ واتخاذ قرارات مبنية على البيانات بما يتماشى مع المعايير العالمية.
كما يقدم المركز بيئة فريدة للتعلم المتقدم عبر دوره كمختبر تجريبي للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع Google، وNvidia من بين أبرز الموردين الآخرين، ما يتيح للمواهب المصرية الوصول إلى أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي مثل Gemini وVertex AI وAgent Space.
بهذا النهج العملي القائم على مشاريع حقيقية وتجارب مكثفة، يسهم المركز في بناء جيل من الكفاءات المصرية القادرة على قيادة حلول رقمية متطورة داخل مصر وخارجها، ليس كتدريب فقط، بل كخبرة عملية مباشرة تضعهم في قلب مستقبل التكنولوجيا.



