تطوير مهارات قيادات التعهيد.. يجذب الاستثمارات ويعزز التنافسية
مع التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعهيد وخدمات تكنولوجيا المعلومات عالميًا، أصبح تطوير القيادات التنفيذية يمثل الركيزة الأساسية التي تحدد قدرة أي دولة على جذب الاستثمارات وتعزيز قدرتها التنافسية.
فالعالم اليوم يتجه نحو أسواق أكثر انفتاحًا، وشركات تبحث عن الكفاءات القادرة على إدارة التوسع وتحقيق الاستدامة في بيئة تتسم بالتغير المستمر.
وتعتبر مصر واحدة من أبرز الوجهات الجاذبة لشركات التعهيد في المنطقة، بفضل ما تمتلكه من موارد بشرية مؤهلة وبنية تحتية رقمية آخذة في التطور.
ومع ذلك، فإن تعزيز مكانة مصر على الخريطة العالمية يتطلب الاهتمام بتأهيل القيادات التنفيذية، من خلال برامج تدريب احترافية تواكب المعايير الدولية وتساعد المديرين على تطوير مهاراتهم المالية والتشغيلية والإدارية.
مسئول في شركة عالمية: يجب توسيع نطاق البرامج الاحترافية الموجهة للمديرين التنفيذين
قال مسؤول بارز في إحدى شركات التعهيد العالمية العاملة في مصر، إن تطوير مهارات القيادات التنفيذية يمثل عاملاً حاسمًا لرفع كفاءة السوق المحلية وزيادة قدرته على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
وأشار المسؤول إلى أن الحكومة المصرية قطعت خطوات مهمة في مجال دعم الكوادر البشرية وتأهيلها، إلا أن هناك حاجة ماسة لتوسيع نطاق البرامج التدريبية الاحترافية الموجهة للمديرين التنفيذيين.
وأضاف أن هذه البرامج ينبغي أن تركز على تطوير مهارات الإدارة المالية، وإدارة التكنولوجيا والتحول الرقمي، بالإضافة إلى تعزيز قدرات التعامل مع الأسواق العالمية.
وأوضح أن مسؤولية تطوير الذات تقع أولًا على عاتق المديرين التنفيذيين أنفسهم، مشددًا على أهمية التعلم المستمر واكتساب الخبرات بشكل دائم، باعتباره شرطًا أساسيًا للنجاح في بيئة عمل تتسم بالتغير السريع والمنافسة العالية.
وقال: “نحن نشجع داخل شركتنا على ثقافة التعلم المستمر والتطوير الذاتي، لكننا نؤمن أيضًا بأهمية وجود شراكات قوية مع الحكومة، والجامعات، ومراكز الأبحاث الدولية لتوفير برامج تدريبية متقدمة تستهدف القيادات التنفيذية وتساعدهم في مواكبة أفضل الممارسات العالمية.”
كما أكد أن دور الحكومة لا يقتصر فقط على إعداد البرامج التدريبية، بل يمتد ليشمل تيسير مشاركة المديرين التنفيذيين في المؤتمرات والمنتديات والمعارض الدولية، بما يسهم في نقل الخبرات والتجارب الناجحة إلى السوق المصرية .
دانش: الأكاديمية الوطنية للتدريب خطوة مهمة ولكن !
وأكد الدكتور عادل دانش الأب الروحي لصناعة خدمات التعهيد في مصر ، أن المبادرات الحكومية مثل الأكاديمية الوطنية للتدريب تعتبر خطوة مهمة في تأهيل وتدريب القيادات التنفيذية داخل الشركات لكنها بحاجة إلي ربطها بتحديات واقعية داخل القطاعات الاقتصادية المختلفة .

وقال دانش إن السوق المصرية تعاني من وجود فجوة في برامج التدريب المتقدمة المخصصة للقيادات التنفيذية داخل الشركات مقارنة بالأسواق العالمية خاصة المتعلقة منها بالمحتوي التطبيقي واستخدام المنهجيات الحديثة ، مشددا علي أهمية دعم الحكومة لمشاركة القيادات في المؤتمرات الدولية بهدف تبادل الخبرات وتعزيز الجاهزية المؤسسية.
وتابع قائلا : يمكن للحكومة أيضا أن تلعب دورًا فاعلًا في بناء شراكات مع جامعات ومراكز أبحاث دولية بما يسهم في نقل المعرفة وتوطين الخبرات العالمية ، مقترحا إنشاء وحدة حكومية متخصصة بالتعاون الأكاديمي الدولي ، بالإضافة إلي توفير منح تدريبية موجهة للقيادات التنفيذية في القطاعات الحيوية ومنها صناعة خدمات التعهيد.
علام: يجب دراسة مهارات التعامل مع الأسواق العالمية ومواكبة التحول الرقمي
شدد أحمد علام ، مدير قطاع تطوير الأعمال بشركة أكتوبوس أوت سورسينج لخدمات التعهيد ، على أهمية وجود برامج تدريبية تجمع بين الجوانب العملية والتطبيقية بحيث تضمن ربط القيادات التنفيذية بالتجارب العالمية ، مع وجود توجيه وتبادل خبرات معها ، معتبرا أن وزارة الاتصالات وإيتيدا بحاجة إلي توسيع نطاق برامجها التدريبية لتشمل ايضا المهارات الاستراتيجية للكوادر الإدارية دون أن تقتصر فقط علي الشباب .
ورأى علام أن السوق المحلية تعاني من وجود فجوة في البرامج التدريبية المخصصة للقيادات التنفيذية داخل الشركات بعكس دول أخري مثل سنغافورة والهند ، موضحا أن المدير التنفيذي في مصر قد يضطر للسفر خارج مصر أو الحصول علي كورسات أونلاين تتوافق مع احتياجاته ومهاراته الشخصية .

وقال إن مهارات التعامل مع الأسواق العالمية ومواكبة التحول الرقمي يجب أن تأتي في صدارة البرامج التدريبية للقيادات التنفيذية داخل الشركات ، معلقا:” السوق بيتغير بسرعة والقيادي اللي مش قادر يفهم ديناميكية السوق العالمي ويستوعب دور التكنولوجيا هيلاقي نفسه متأخر.
ورأي أن المشاركة في المؤتمرات والمعارض الدولية لا يجب ألا تقتصر فقط علي بناء شبكة من العلاقات بقدر التعرف علي الاتجاهات الجديدة داخل الصناعة والتعلم من تجارب الآخرين ، ويمكن أن تلعب الحكومة دورا في هذا الصدد من خلال تقديم دعم مادي أو لوجيستي، وفتح قنوات مع الجهات المنظمة.
واستطرد: تمثل الحكومة حلقة وصل بين الشركات المحلية والجامعات العالمية، من خلال اتفاقيات تعاون أوإطلاق منح مشتركة مع كيانات متخصصة في إدارة الأعمال أو التكنولوجيا مما يحدث نقلة نوعية كبيرة داخل القطاع .
فؤاد: الاستثمار في القيادات التنفيذية ركيزة لتعزيز تنافسية قطاع
من جانبها أكدت شيماء فؤاد، الرئيس التنفيذي لشركة “وينرز” لخدمات التعهيد، أن تطوير الكفاءات والقيادات التنفيذية يمثل عنصرًا أساسيًا لزيادة جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات العالمية في مجال التعهيد.
وأوضحت فؤاد أن هناك مجموعة من المبادرات الحكومية التي يمكن أن تسهم بشكل فعّال في رفع كفاءة المديرين التنفيذيين، منها برامج القيادة التنفيذية التي تُقدَّم بالتعاون مع جامعات دولية، ومبادرة “رواد تكنولوجيا المستقبل” التي يمكن توسيع نطاقها لتشمل القيادات التنفيذية إلى جانب الكوادر الفنية.
وأضافت أن تبني برامج دراسات عليا متقدمة، مثل برامج الـ MBA بالشراكة مع جامعات عالمية، سيكون له أثر مباشر في تعزيز المهارات الاستراتيجية والإدارية.
وأشارت إلى أن مصر تمتلك بالفعل مؤسسات ومبادرات متميزة في هذا الإطار، مثل أكاديمية السادات للتنمية الإدارية، ومدرسة القيادة الرئاسية، والمدرسة التنفيذية التابعة للأكاديمية الوطنية للتدريب، والتي تقدم برامج متخصصة تستهدف القيادات الحكومية والتنفيذية.
إلا أنها لفتت إلى أن عدد البرامج الدولية المتاحة داخل السوق المصرية ما زال محدودًا، رغم وجود بعض الفروع لجامعات عالمية مثل “كوفنتري” بالعاصمة الإدارية الجديدة، مؤكدة أن هذه الجهود تظل خطوات مهمة لكنها لا تزال غير كافية لتغطية حجم الطلب في السوق.
وفيما يتعلق بدور الحكومة في تعزيز الشراكات الدولية لتأهيل القيادات التنفيذية بقطاع التعهيد، شددت فؤاد على أهمية توقيع اتفاقيات تعاون مع جامعات ومراكز أبحاث متخصصة في الإدارة والتكنولوجيا، إلى جانب دعم إنشاء مراكز تميز للتعهيد بالشراكة مع مؤسسات بحثية دولية.




