يعتبر حصول الشركات على شهادات معتمدة من جهات ذات ثقل أمر ضروري لتنمية أعمالها، وصناعة التعهيد ليست بمعزل عن ذلك.
ويساعد حصول مراكز الاتصالات على الاعتمادات الدولية في تنمية أعمالها واجتذاب عملاء جدد ولاسيما العملاء الخارجيين، ولذلك فحصول مراكز الاتصالات بمصر على هذه الاعتمادات أمر ضروري، بحسب حاتم الصيفي خبير صناعة التعهيد.
ويرى الصيفي أن التكلفة المرتفعة لحصول الشركات على الشهادات المعتمدة واحدة من التحديات التي تواجه تنمية الصناعة ونمو الشركات المحلية.
وأوضح خلال مقابلة أجرته معه نشرة “تعهيد” أن هذا شهادة الأيزو المعتمدة والخاصة بصناعة الكول سنتر تضع نهاية لهذا التحدي، ولاسيما أن تكلفتها تنافسية، فضلا عن القيمة الدولية لـ الأيزو.
إلى نص الحوار:
كيف بدأت صناعة الكول سنتر والتعهيد في مصر؟
بدأت هذه الصناعة في مصر في فترة خصخصة الشركات، بعد دخول شركات الاتصالات الخاصة “موبينيل” والتي أصبحت “اورنج” اليوم، ثم فودافون.
وحينما جاءت فودافون إلى مصر أحضرت للسوق نظام الكول سنتربشكل منظم ، والتي هي في الأساس صناعة نشأت وبرزت في أمريكا.
وقامت فودافون بتجهيز مركز اتصالات وخدمة عملاء قوي لمساعدتها في إطلاق الخدمة بمصر، ومعالجة أي مشاكل قد تنشأ نتيجة إطلاق الخدمة بمصر.
وفي حينها بدأت منظومة الكول سنتر تظهر في مصر، وخاصة أن فودافون اعتمدت على خبرائها من الخارج في تجهيز وتدريب الشباب المصري حينها على تقديم هذه الخدمة.
وكان هذا في عام 1998 حتى 1999، وبدأت فكرة الكول سنتر في مصر تظهر ببطء طوال هذه الفترة، وكان مدخل هذه الصناعة حينها شركات الاتصالات.
تواكب ذلك كع تطور البنية التكنولوجية في مصر بشكل كبير عبر استراتيجيات منظمة من قبل وزارة الاتصالات مع ظهور إدارات فرعية للاهتمام بقطاع الكول سنتر وهي “ايتيدا”.
في 2002 بدأ يظهر في مصر اول شركتان تعملان على تقديم الخدمات للغير فيما يعرف بأسم “تعهيد”، وهما “راية” و “أكسيد قبل ان تتوالى الشركات بعدها مثل الشركة المصرية لادارة مراكز النداء اكو و غيرهم.
ركزت “أكسيد” منذ البداية على توجيه خدماتها لـ “الأوف شور” او تقديم الخدمات للعملاء خارج مصر، أما راية فكانت بدايتها تقديم خدماتها للسوق المحلى بداية من شركات الاتصالات ومختلف الصناعات.
وتحولت شركة أكسيد للتركيز على “الأوف شور” على يد الدكتور عادل دانش، والذي يعد المؤسس الحقيقي لهذه الصناعة في مصر، وعلى يده تحولت “أكسيد” لإيقونة في صناعة التعهيد بمصر والعالم.
بعد ذلك تحولت خدمات التعهيد لصناعة محورية، وبدأت الشركات تعتمد عليها، وتجذب استثمارات، وبالتوازي توسعت فودافون بشكل كبير في هذه الصناعة بمصر، لدرجة أنها بنت نموذجا لحجز الفيزا لسفارات الاوربية والولايات المتحدة ولاحق كونت ذراعا للتعهيد وهو VIS او فودافون الدولية مركزها الرئيسي لمصر.
ساهمت كل تلك الامور في وضع اللبنة الأولى لهذه الصناعة بالسوق المصري ومنذ حينها بدأت تنمو هذه الصناعة وتتبلور داخل مصر، وخاصة بعد سماح البنك المركزي المصري للبنوك بتقديم معلومات مصرفية عبر مراكز الاتصال الخاصة بها.
في 2003 بدأت وزارة الصناعة والتجارة تجهيز مركز اتصالات للمصدرين للمساعدة على تتبع شحناتهم حى وصولها للمستقبل النهائي ضمن عمليات تطوير هيئة الرقابة على الصادرات والوردات.
ما طريقة تجهيز الموظفين وتدريبهم للعمل في هذه الصناعة الجديدة حينها؟
خلال تلك الفترة كانت طريقة تدريب وتأهيل الموظفين تعتمد على التدريب الداخلي في الشركة مقدمة الخدمة نفسها، وبالتالي أصبحت عملية تجهيز الموظفين تعتمد على جهود كل شركة.
ما التغير الذي حدث بعد ذلك؟
بعد ذلك ظهرت ما يسمى بـ “سي أو بي سي”، وهو عبارة مواصفة تميز مبنية في الأساس لصناعة الكول سنترومرتبط بها نموذج عمل وتدريب مبني على نقاط كثيرة، ما خلق نوع جديد من التدريب المنظم لتاهيل مراكز الاتصال وتاهيل الموظف كموظف معتمد وفقا لنموذج “سي أو بي سي”.
اعتمد التدريب على المبادئ الخاصة بإدارة عمليات الكول سنتر والتدريب لا يناسب الايجنت لانه تدريب متخصص يحتاج حدا ادنى من الخبرات لا يناسب كل الدرجات الوظيفية بالإضافة الى ارتفاع التكلفة مما جعله مقصورا على الشركات التي تستطيع تامين التدريب لموظفيها مع وجود مراكز متقدمة في أمريكا تدرب الموظفين على مهارات محددة بحسب الدرجة الوظيفية، مثل المدراء، وقادة فريق العمل، وغيرها، لكنها كانت مكلفة للغاية.
الصيفي: المعهد القومي للجودة قدم شهادات لمراكز الاتصالات مبنية على الأيزو بسعر تنافسي
ما الفرق بين الكورس والشهادة المعتمدة؟
الكورس هو عملية تدريبية وتأهيلية للمتلقي، بينما الاعتماد أو الشهادات المعتمدة، تستند في الأساس تلقى المتدرب عملية التأهيل والتدريب من جانب مؤسسة أو جهة ذات وزن وثقل ومصداقية.
وفي هذه الفترة، لم تكن هناك في الوطن العربي جهة ذات ثقة ووزن تمنح الشهادات المعتمدة للعاملين في هذه الصناعة، سوى بعض الجهات الأجنبية ولكنها أيضا كانت مكلفة للغاية وصلت لنحو 3 آلاف دولار تقريبا كحد ادنى .
ما التطور الذي حدث فيما يخص الشهادات المعتمدة لخدمات التعهيد؟
منذ 8 سنوات تقريبا، انتبهت “الأيزو” لذلك، ووضعت مواصفة خاصة بالكول سنتر رقم “18295” رقم 1 ورقم 2.
ووضعوا في هذه المواصفة المبادئ الرئيسية لهذه الصناعة، مثل الأعداد والتجهيزات والتعيينات والتدريب وطريقة المحاسبة وغيرها من مواصفات تقديم الخدمة في هذه الصناعة.
الأن دولة الإمارات كنموذج تعتمد على مواصفة الآيزو 18295 في كافة مراكز الاتصال المقدمة لخدمات الكول سنتر سواء جهات حكومية أو شركات.
ترفع الكفاءة بالشركات وتحسن من الإنتاجية تعزز الصورة الذهنية لدى الشباب عن الصناعة
ما أهمية شهادة الأيزو لهذه الصناعة؟
من الضروري في صناعة التعهيد أن يكون هناك اعتماد من جهة ذات ثقل لنموذج العمل الذي تقوم به الشركة، لتتمكن من اكتساب ثقة العملاء وتقديم الخدمة لهم.
حيث يحرص العملاء على معرفة نموذج العمل الخاص بالشركات حتى تكون ذات ثقة، وهناك شركات عالمية تعتمد نموذج العمل الخاص بها “ستاندر”، مثل فودافون و تيلي بيرفورمانس على سبيل المثال.
أغلب الشركات ليس لديها نموذج عمل، وتعتمد على الحصول على اعتماد يضمن لطالبى خدمات التعهيد clients الحصول على الخدمة بشكل يحقق رضاء عملاءهم Customers .
دعمت “إيتيدا” مسبقا شركات الكول سنتر في الحصول على هذا الاعتمادات عير برنامج يهدف للتطوير المؤسسي لمقدمي خدمات التعهيد.
ما المميز في الأيزو مقارنة بالشهادات الأخرى؟
أولا هي جهة اعتمادية ذات ثقل وثقة، ما يمنح الشركات المرجو من الحصول على الاعتماد، وتساعدهم في جذب عملاء جدد من خارج مصر.
كذلك تعتبر تكلفة اعتماد الأيزو مناسبة جدا للشركات وخاصة أن صناعة الكول سنتر قائمة على نقطتين رئيسيتين وهما التكنولوجيا والموارد البشرية.
والموارد البشرية تعتمد على الموظفين والمديرين، والمديرين نقطة قوة أو ضعف في الشركات، لانها من الأسباب الرئيسية في زيادة أو تقلص معدل دوران الموظفين.
اكتساب المديرين مهارات قيادية ومرونة للتعامل من الموظفين تحسن من بيئة العمل وتمنع خروج الموظفين الأقل درجة من الشركة أو الصناعة، وبالتالي تدريبهم وتجهيزهم استناداً لـ “مواصفة” جهة معتمدة قائم على أسس علمية، هو أمر ضروري لاستمرار الشركات والصناعة.
تضع مسار وظيفي واضح يمنح الشباب ثقة في مستقبله
كيف تساعد حصول مراكز الاتصالات على هذه الشهادات في توسعاتها؟
سأضرب مثال بسيط لذلك، السوق السعودي كان يعتمد على خدمات التعهيد من خلال شركات من خارج المملكة العربية السعودية، ولكن صدر قرار في 2018 بتحويل خدمات التعهيد من خارج المملكة العربية السعودية الى داخل المملكة عبر مقدمي خدمات وطنيين او دوليين لان القطاع كثيف العمالة مما يرفع مستويات التوطين الوظيفي داخل المملكة مع فتح قطاع استثمارات نشط وحيوي مثل قطاع التعهيد وهو ما يوضح أهمية الصناعة على المستويات الاقتصادية.
وهنا تأتي أهمية شهادات الأيزو والتي تشمل التدريب وتنمية مهارات الكوادر البشرية والتي تفتح باب لفرصة أخرى في الصناعة،مع تطور قطاعات تعهيد الخدمات غير الصوتية او الرقمية Digital، وهو ما يستدعى أن تكون الكوادر البشرية على دراية عالية بهذه النوعية من الخدمات.
ويجب أن يكون مقدم الخدمة من الموظفين لديهم ذكاء مهني واطلاع على الصناعة ليتمكن من المنافسة بقوة وخاصة في ظل ظهور لاعبين جدد في السوق مثل جنوب افريقيا ونيجيريا.
ما الذي تغير وقد يدفع الشركات للسعي والحصول على شهادات الأيزو؟
بشكل عام شهادة الأيزو الخاصة بصناعة الكول سنتر تحسن من كفاءة العمل، ومهارات الموظفين وترفع من قيمة الشركة والصناعة وذلك بتكلفة منافسة.
بالاضافة الى رفع كفاءة العناصر القيادية داخل الشركات، سواء القيادات المتوسطة أو العليا والقيادة هما احد العناصر الرئيسية لنجاح إدارة العمليات واستمرارية الاعمال حيث تصقل الخبرات العملية للإدارة سواء الأولى او الوسطى بالمهارات القيادية اللازمة للتوازن بين احتياجات العمل و الاحتياجات الإنسانية للموظفين.
ومؤخرا أبدت هيئة المواصفات والجودة برئاسة دكتور خالد صوفي، وكذلك المعهد القومي للتدريب والذي يعتبر الذراع التدريبي للهيئة، اهتمامها بإتاحة الحصول على شهادات الأيزو والحصول معها على شهادة ممارسة للوظيفة وهي نقطة محورية ، مما يزيد من القيمة التدريبية، ويزيد من ثقل المهنة على المستوى الاحترافي ويعزز فرصها في الانتشار بين الشباب عموما والباحثين عن وظائف مستقرة عموما.
كيف تؤثر شهادة الأيزو على أداء الشركات؟
الحصول على التدريب عبر شهادات أيزو، تحسن من كفاءة الموظف، وتساعدها على بناء كيان وظيفي مما يغير من مفهوم الصناعة في ذهن كثير من الشباب بأنها وظيفة مؤقتة.
تساعد عملية التدريب والحصول على الشهادات المعتمدة في تحسين طريقة تفكير الموظفين في هذه المهنة، وتجعلهم يبحثون عن آليات لتحسين مهاراتهم المستقبلية للتقدم في هذه الصناعة.
كل هذه الأمور تصب في صالح الشركة من عدة جوانب، لعل أهمها أنها تضمن تقديم الخدمة بجودة عالية، فضلا عن تمكنها من اجتذاب عملاء كبار بسبب كفاءة الكوادر البشرية فضلا عن توافر الشهادات المعتمدة، الأمر الذي يقلل من إعادة دوران الموظفين.
هل يمكن لفكرة تعميم الحصول على شهادات الاعتماد أن تحسن من السوق وتخرج الشركات غير الجيدة والتي تتسبب في صورة ذهنية سيئة عن الصناعة؟
يمكن القيام بذلك بخطوتين، أولهما التدريب ورفع الكفاءة وهنا تبرز أهمية الحصول على شهادات معتمدة مثل الأيزو في هذا المجال.
أما الخطوة الأخرى تتلخص في المتابعة الإدارية لشركات التعهيد في مصر، من خلال جهة رقابية، للتأكد من جودة بيئة العمل، وحصول الشركة على التراخيص اللازمة، وكذلك التأكد من حصول الموظفين على حقوقهم بشكل كامل.
وبالتالي يجب أن تكون هناك جهة مختصة بتلقى والفصل في الشكاوى الخاصة بالعاملين في صناعة التعهيد.
يرجى الاطلاع على الملف أدناه، وسيتم نشر تفاصيل اكثر عن شهادات الأيزو على جروب النشرة.



